Breaking news
Featured News
Latest News
حاوره/ محمد ياسين رحمة

"سليمان جوادي" علامة وقف في الأدب الجزائري فهو من أسياد المقام في المُدوّنة الشعرية الجزائرية.. تستطعم في حرفه نكهة لفاكهة كل الفصول، وتنشق في معانيه عطر الأسرار والأنوثة والحب والجمال.. يُقدّم سليمان لغة غاوية تُراود قارئها وسرعان ما "تورّطه" في النّص الشعري وتمارس عليه أرقى طقوس الجمال المُتوحّش ذوقا ومعنى..
ارتبط اسمه بكثير من الفنّانين الجزائريين وجرت قصائده المُغنّاة على ألسن الناس عبر عقود طويلة.. قدّم سليمان جوادي للمكتبة العربية العديد من الدواوين منها: يوميات متسكع محظوظ ، أغاني الزمن الهادئ، ثلاثيات العشق الآخر، ويأتي الربيع، قصائد للحزن وأخرى للحزن أيضا، رصاصة لم يطلقها حمة لخضر، قال سليمان، لا شعر بعدك..

- هل هذا الزمن هو زمن الشعر، أو لنقل ما هو دور الشعر في هذا الزمن؟

مثل هذه الأمور نسبية من وجهة نظري فما أحسه أنا و أحياه لا يحس به غيري.. حتى الشعوب و المجتمعات تختلف و تتباين من حيث رؤيتها للشعر و من حيث تأثير الشعر فيها... الشعر لعب دوره و ما زال يلعب ذات الدور في بعض المجتمعات.. الشعب التونسي أثناء انتفاضته على النظام كان يردد مقاطع من أشعار أبي القاسم الشابي.. بالمناسبة أتمنى أن نعيد قراءة قصيدة إرادة الحياة للشابي كاملة حتى نتأكد أمرين اثنين و هو نبوءة الشاعر وصدقه ...

- يشكو القرّاء من استعلاء الشعراء و"طلسمية ما يكتبون" تحت مُسمى الحداثة، هل تعتقد أن القارئ العربي لم يعد في مستوى القصيدة الحداثية أم أن الشاعر لم يعد يعنيه القارئ؟

بعض الشعراء عاجزون على كتابة ما يُفهم لذلك ينساقون إلى كتابة طلاسم وألغاز مُدّعين أنها شعر حداثي أو ما بعد حداثي، هم في قرارة أنفسهم يدركون هذا العجز و لكنهم لا يسلمون به، بل نراهم يحاربون الشعر الجميل الراقي بدعوى أنه واضح و بسيط ولا يحمل جديد،ا أو بدعوى أن صوره جاهزة و إلى غير ذلك من التهم الباطلة، وقد كان مثل هؤلاء الشعراء غصة في حلق الشاعر العربي الكبير محمود درويش..

- هل تتابع قصائدك وحضورها وتفاعلها في أوساط القراء؟

أحيانا و إذا ما توفر الوقت و أجد متعة في ذلك

- أنت متّهم بأنك شاعر المرأة؟

تهمة لا أنكرها و شرف لا أدعيه كما قيل من قبلي..

- القصيدة المغنّاة أثبتت ظمأ الجماهير للشعر، حدثنا عن تجربتكم في هذا الاتجاه؟

اتجهت في وقت مبكر من حياتي الأدبية للأغنية و أنا الذي سعيت إلى ذلك لإيماني بأن جمهور الأغنية هو أكثر وأكبر من جمهور الشعر، وكان هدفي منذ البدء هو إيصال شعري إلى أكبر عدد من الناس و قد كان لي ذلك بفضل الأغنية..

- القصيدة المغنّاة أسهمت في الوصال بين "المواطن" واللغة، ألا تعتقد أن "ندرة" هذا "النوع" واستعلاء اللغة الشعرية الراهنة، صار أشبه بالجناية في حق اللغة وتنفير القارئ منها؟

جميلة عبارة "استعلاء"، الذين لا تصلح كلماتهم للغناء يدّعون أنهم أرقى من أن يكتبوا للغناء.. في السبعينيات من القرن الماضي وقعت مناوشة بيني و بين أحد الأصدقاء حين قام بعرض لديواني الأول "يوميات متسكع محظوظ" وقال - ما معناه- "أفضل و أحبذ لو أن جوادي بقي مهتما بالغناء دون أن يخوض في كتابة الشعر الحديث"، مستصغرا ومُقزما الكتابة للأغنية، فرددت عليه:" تأكد يا صديقي من أن أكبر شعراء العربية هم من تغنى الناس بأشعارهم"، ورحت أعدد له الشعراء الكبار بدءا من امرئ القيس مرورا بالمتنبئ وبهاء الدين زهير، وصولا إلى محمود درويش ونزار قباني ..

- لو قسّمت مسيرتك الشعرية على مراحل فما هي أزهى مرحلة وما هي "أعتم" مرحلة؟

أزهى المراحل هي مرحلة السبعينيات.. و أعتمها هي عشريات الدم و الدمار..

- ما هو تقييمك للمشهد الشعري الجزائري والعربي؟

أرى أن الشعر العربي عموما بدأ يسترد مكانته رغم بعض الابتذال و السطحية الذين تتعامل بهما بعض الفضائيات العربية مع هذا اللون الأدبي الجميل..

- هل تقرأ للشعراء الشباب، وما هي رؤيتك للغة الشعرية وأدوات الشعراء؟

أقرأ للشعراء الشباب و غير الشباب و تبهرني كثيرا قصائد بعضهم والتي تبشر بمستقبل زاهر لهذا الجنس الأدبي، وتعلن أن اللغة العربية في الجزائر ما زالت بخير رغم محاولة طمسها..

- كيف ترى موقع ومكانة الشاعر في المنظومة الثقافية والاجتماعية في الجزائر؟

حيثما وضع هو نفسه..

- ما رأيك "بالشعراء الإلكترونيون" الذين يتوالدون يوميا على الانترنت؟

كثير منهم عبارة عن فقاعات سرعان ما تختفي وتُؤمن أن البقاء للأجود..

- ما هي رؤيتك للمجموعات الشعرية الورقية في زمن الانتشار الالكتروني؟

ما هو جميل يبقى جميلا و ما هو رديء يبقى رديئا سواء كان مُورقا أو غير ذلك..

- أقرب نصوصك إلى نفسك؟

"رصاصة لم يطلقها حمه لخضر"..


- ما هي القصيدة التي تطمح إلى كتابتها ولم تكتبها بعد؟

ستأتي في حينها وأنا أقترب من الانتهاء منها..


رسالتك للشعراء الشباب وكلمة أخرى للقراء؟

لا تتعجّلوا الشهرة ولا تغترّوا بأنفسكم..


رسالتك للشعب العربي؟

اختزل القول في قصيدة "يا شعبنا ما أروعك"

يا شعبنا ما أروعك
يا شعبنـا قلبي معك
جـل الذي بعزيمة كبـرى
بـراك وأبـدعك
جـل الذي ببطولة ورجولة قد رصّعك
يا شعبنـا ...
مـا أتفه القلب الـذي
يحنو عليك ليخدعك
ويريك نور الشمس صبحا
كي يدبر في الليالي مصرعك
إسلام من...هذا الذي زعمـوا
يميت الحب فيـك
يبيح دوما أدمعـك
ويريق من دمك الغزير جداول
و يشق من يوم لآخر أضلعك
إسلام من...
هذا الذي وضع اللحى
فوق العقــول
وراح يبغي تصدعـك
و نضـال من...
هذا الذي أعطى الثمار جميعها

للمتخمين وجوعـك
وبنى لهم في كل شبر منزلا
وعدمت حتى مضجعـك
و إذا نطقت جنى عليــك
و في الغياهب أودعـك
يــا شعبنــا...
من في مهاوي الفقر غدرا أوقعك
من للورا قد أرجعــك
وأذاقك السم الزعـاف و أوجعك
من بالمصائب أوسعـك
بتدخل الأعداء جاء ليفزعك
من روعـك
يا شعبنا مـا أروعك
... ولرب شرذمة تقول بأنهــا
من عمقـك انطلقت
وترفض أن تراك وتسمعـك
لا تنتظر حبل النجاة من الذي
ما زال يجهل موقعــك
و يشاء من مكروا
انقسامك دائما
وتشاء حكمة ربنا أن تجمعك
ويشاء من مكــروا
احتقارك دائمـــا
وتشاء حكمة ربنا أن ترفعك
يا شعبنا يا ذا الملاحم دائما
قلبـي معـك
قلبـي معـك
قلبي معك

حاوره/ محمد ياسين رحمة

بين دهشة الحرف ودهشة اللون، شهقة زمن لا يعترف بالوقت.. زمن أفلت من سجن التكتكات.. في الـ هناك بين الحرف واللّون يُقيم فاتح عربي أعلن الجمال والتنوير على العالم، وأقام مملكته على جغرافية تهابُها البوصلات. إنه مُحمّد الخطّاط، كون شعري وتشكيلي قائم بذاته، ومشاكسته مُغامرة للغرق في ذلك الكون.. وكان هذا الحوار..


بين أبجدية الحرف وأبجدية اللّون، أين يتموقع الأديب والفنان محمد الخطاط؟

في زمن ما كنت خطاطا أقرّ لي بضبط الحرف من قبل خطاطين كبار، ثم غادرت ذلك العالم القيد إلى عالم مٌلوّن متسع له من الفضاءات ما لا يحد..

ما هي حدود التقاطع بين القصيدة واللوحة الفنية في أعمالكم؟

ليس ثمة من تقاطع بين اللوحة والقصيدة، كلاهما نتاج عقل، فما لا يمكن البوح به باللون، يمكن البوح به شعرا.. لكن ولكي أكون دقيقا، أرى أن اللوحة ليست بحاجة إلى معنى يقربها من المتلقّي مادام رسّامها على ثقة من أنه القادر على قول ما يريد شكلا لا مضمونا..

الوجوه وتفاصيل الحياة اليومية و.. هل هو توجّه لـ"فن تشكيلي توثيقي" في أعمالكم؟


نعم هو كذلك التوثيق ليومياتي عبر الوجوه التي ارسمها، وأعتقد أن بإمكان المتلقي المتبصر معرفة الحال الذي أنا عليه لحظة رسمي لأي وجه.

الفن يؤرّخ للحياة والوطن والإنسانية، فهل يؤرّخ الفنان للمجتمع والواقع والإنسان؟

الفن ومثلما تفضلتم هو خير مؤرخ لحقب متعاقبة بغض النظر عما إذا كان ينتمي لهذه المدرسة أو تلك.. ولهذا الأسلوب أو ذاك الآن يُمكّنك معرفة تواريخ أمم من خلال ما أبقته من أعمال فنية وكذلك معرفة حقائق وسلوكيات مجتمعات وأفراد.

ألا تعتقدون أن "العربي" يعاني من "الأمية التشكيلية"، لنقل أنه لا يمتلك أدوات القراءة الصحيحة لأبجدية اللون؟

مرة ولما كنت محررا في صحيفة الرسالة كتبت عمودا قلت فيه ما معناه أن الفن التشكيلي هو الفن الذي يأخذ شكلا ويشغل حيزا في فراغ ويشتمل على الرسم .. أتدري لماذا كتبت ذاك؟ لأن قارئنا لا يعي معنى التشكيلي أصلا، وهو يتصور أن صفة التشكيلي تعني الرسام التجريدي حصرا.

في مذكراته كتب جواد سليم ( العراقي يريدك أن ترسم له منظر الغروب على دجلة وتكتب تحت اللوحة الغروب على دجلة )، هذا ما قاله جواد سليم أواسط الخمسينات، والحال الآن على ما كان عليه لم يختلف قط.

أعتقد أن ثمة مسوغ لجهل الشارع لحقيقة التشكيل، ذاك هو افتقار مدارسنا إلى مٌعلّم مدرك لمسؤوليته.. هذا الجهل تراه عند الكثير من نقّاد الفن التشكيلي كذلك.. ما من ناقد التقيته إلاّ وتناول مضمون اللوحة لا شكلها.. وإن تجرأ على الخوض في الشكل فسيفصح بشكل أو بآخر عن جهله التام بمقومات ذلك.

أخي العزيز .. فاقد الشيء لا يعطيه وكما تعرف ( وأنت سيد العارفين ) أن الناقد هو مُدعّي إبداع اصطدم بحقيقة فشله فراح يداري ذلك الفشل بالكتابة نقدا.. هذه هي الحقيقة .

ألا تعتقد أن المُبدع عموما، أناني بطبعه، ينطلق من كونه الذاتي كيف يرسم تضاريس الجمال في العالم حوله؟


قالوا أن كل ذي عاهة جبار.. ومفهوم العاهة هنا لا يعني بالضرورة خلقية بل النفسية كذلك ومن تلكم العاهات الشعور بنقص قد يتفاقم بمر الوقت ليستحيل فيما بعد إلى أنانية تنعكس، شاء أم أبى، على إبداعه، وتُلقي بظلالها على سلوكه الأخلاقي، وحتى استنادا لهذا يمكن قول أن الإبداع إفراز لعوامل نفسية لك أن تٌعدّها سببا أمثل لمقومات الإبداع.

هل هناك مبادرات لإنتاج كتب أو أوعية أخرى لتعليم "العربي" قراءة اللوحة وفق قواعد معينة وعدم الاكتفاء بالذوق والتّذوّق؟

فات االأوان، وكيما تنقذ ما يمكن إنقاذه تحتاج إلى عمر مثل عمر شعيب.. الكتب متوفرة .. لكنهم ( لا يقرؤون ) وهذا هو المشكل.

الحياة هي أرقى أنواع الفنون، كيف ترى حضور الفن التشكيلي في الارتقاء بممارسة فن الحياة وفقه الجمال في عالمنا العربي؟


كنت وبناء ً على كوني ماركسيا أعتقد أن الفن وسيلة تثوير .. مهمته إيقاد جذوة الثورة عند الناس.. بعدها وجدتني مؤمنا بأن مهمة الفن تنحصر بالتنوير، ومعنى التنوير عندي إيقاظ العقل من سباته الطويل بالسؤال: ماذا أراد الفنان؟ بهذا هذا التساؤل هو الممهد الجبار لأسئلة وأسئلة سترتقي بالعقل إلى فضاءات من التّفكّر والتبصّر..

هل الفنان مُطالب أن يجمّل ما هو قبيح في محيطه أو أن يضيء الجميل المخفي أو أن يؤثّّث الذات المتلقية كي تكتشف الجمال فيها وتفيض به على محيطها؟


لاشك هي تلك وظيفة الفنان، اختفاء الجمال على الأشياء والنفخ في الرماد بحثا عما يمكن الاهتداء بهدية من قبس..


حدّثنا في هذا السياق عن رسالتكم في العراق خلال العشرية الماضية؟

لا أظنني أنجزت عملا يستحق الالتفات له بقدر ما حاولت الوصول إلى ما من شأنه الرقي بذائقة المتلقي، سواء أكان ذلك شعرا أو رسما..

ما تقييمكم لواقع الفن التشكيلي العربي، وحضوره في التربية والتعليم والحياة العامة؟

المشهد التشكيلي العربي هكذا أراه .. بالرغم مما أشرنا له سلفا .. والذي أسميته أنت بــ ( الأمية التشكيلية ) ومما يثبط من عزائم الفنان ... وهن كُثُر..

الإبداع ثورة بطبيعته، فأين تلمس حضور الفنان في الثورات العربية؟


قلت لك .. ما معناه أني اعتمدت التثوير مبدءاً ولزمن كاد يكون طويلا لكن بعدها وجدت أن ليس من الإنصاف تكبيل الفنان وجعله معنيا بثورة (كفنان) لذا أقول إن كان الإبداع ثورة، كما قلت، فلتكن ثورة تنويرية فحسب.

القلق الوجودي، الاغتراب النفسي.. أوجاع الفنان الذي يبحث عن انتماء إنساني، فما هي أوجاعكم؟

حسبي وجعا ذاك الذي تعرفه من انهيار بنىً كان يمكن لها أن تضعنا على جادة الخير الموصلة إلى بر الأمان..

ما الذي يعنيه لكم الخط العربي في منظومة الانتماء؟

الخط العربي فن له من مقومات الاحترام الكثير الكثير، وهو كما تعلم المؤشر الأمثل على ثقافة امة وعنوان تفردها التشكيلي وسط ثقافات الأمم..

كيف ترى مستقبل الخط العربي مع البرامج الالكترونية الصانعة للخطوط؟


أراه معتما جدا بالرغم من حرص النبلاء المعنيين . إن ما يدعو للألم هو هذا الغزو المرعب لأبجديات حاسوبية صممت من قبل مؤسسات لا تعي معنى الجمال ولا أخالها ملزمة بضابط أخلاقي يمنعها من التجاوز على خصوصية امة.


في اعتقادك، هل الآتي العربي سيكون أجمل أنقى وأرقى.. أم أن المقولة "ليس في الإمكان أبدع مما كان" ستكون أكثر صدقية مستقبلا؟

بل ( رب يوم بكيت منه فلما افتقدته بكيت عليه )

لو باغتك الخيال، ورسمت لوحة تختزل فيها العالم العربي في أحداثه الراهنة، فأي الألوان ستستعمل.. ولن أقول ماذا سترسم؟


اللون عندي صبغة ليس إلا، فبأي الألوان رسمت سيان ... لا دلالة للون ولا أريد له أن يكون دالا على مدلول.. أفهم اللوحة على أنها مدلولاً محضا .. وبذات الوقت للمتلقي أن يراها دالا ً أيضا.

كلمة لكل العرب؟

شكرا لكم أتعبتكم معي ..

كيف يكتب محمد الخطاط بيوغرافيته في سطور؟

أنا محمد الخطاط تولّد عام 1957 بغداد.. لأسرة جنوبية الانتماء واللهجة، بغدادية السكن.. بدأت الرسم أيام الدراسة الابتدائية ومثله الشعر، فكان نتاج ذلك وعبر الزمن، الكثير الكثير من اللوحات وخمسة كتب اثنان منها ( عن دار ثقافة الأطفال وثلاث مجاميع شعر ( نهارات رمادية ) و( لفادية زهرة القرنفل ) و( على ورق اسود ـ قيد الطبع الآن )، ولي إسهامات متواضعة في التظاهرات الفنية، وكذلك معارض شخصية.

ــ عضو الاتحاد العام للأدباء العرب
ــ عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق
ــ عضو نقابة الفنانين / تشكيلي
ــ عضو نقابة الصحفيين
ــ عضو اتحاد الصحفيين
.....
عملت محررا للصفحة الثقافية
ــ صحيفة صوت بغداد ( الصادرة عن أمانة بغداد )
ــ صحيفة البلد الأمين ( الصادرة عن وزارة الداخلية )
.....
معاون مدير منتدى بغداد الثقافي


عبد الباسط ولدخصال في حوار مع "فضيلة مدني" أرملة فقيد الصحافة الجزائرية "شوقي مدني"

شوقي مدني …واحد من ألمع الأقلام التي عرفتها الصحافة الجزائرية، من مواليد 20 نوفمبر 1956 بالمدية متحصل على شهادة ليسانس في الأدب العربي جامعة الجزائر جوان1985، التحق بالصحافة سنة 1985 وكانت بدايته في مؤسسة الشعب، لينتقل بعدها إلى أسبوعية الوقت التي عمل بها كرئيس تحرير ليحط الرحال في جريدة الخبر التي عمل بها لأكثر من 10 سنوات كصحفي ثم رئيس القسم الوطني، لينتقل بعد ذلك إلى يومية " يوم الجزائر" التي اشتغل فيها كنائب رئيس التحرير لتكون بعد ذلك أخر جريدة اشتغل بها شوقي. وافته المنية في 14 أكتوبر 2009 تاركا وراءه سيرة مهنية يحتذي بها.. في الذكرى الثانية لوفاته وتكريما له ارتأينا القيام بحوار مع أرملته "السيدة مدني فضيلة" التي أعطتنا الفرصة لنبحر في حياة شوقي الصحفي والرجل بأعين الزوجة..

- بعد مرور عامين على رحيل أستاذ الصحافة شوقي مدني، هل من الممكن أن تصفين لنا صورة " ما بعد الرحيل " ؟

السيدة مدني: ما بعد الرحيل،.طبعا لم تعد الحياة كما كانت، تصور رغم أن الموت حق لم أكن أتصور يوما انه سيفارقنا خاصة بهذه الطريقة.
كان خبر موته كالصاعقة، جملة صديقه وهو يخبرني عن وفاته لازالت ترن في أذني قلت له: ما بك هبلت ورميت الهاتف... شوقي لم يمت شوقي خطف من بيننا في رمشة عين... أكيد الحياة أصبحت صعبة جدا، الوحدة التي اشعر بها اليوم لا مثيل لها رغم أننا لم نعش كثيرا مع بعض، أقصد كان دوما غائبا من أجل العمل لكنه كان هنا موجود.. إلى جانبي وجانب أولاده.... نزيه وريم يتألمان لفراقه كثيرا وماذا عساهم يفعلون غير الدعاء له والإيمان بقدر الله..


- كلنا نعرف تعلق شوقي بمهنة الإعلام التي لم يفكر يوما في الابتعاد عنها.. هل لك سيدتي أن تُحدثينا عن شوقي " الصحفي " بأعين الزوجة ؟

السيدة مدني : شوقي أحب الصحافة حتى النخاع.... لم يكن أبدا ليبعد عنها مهما كانت الظروف.. لم يتخل عنها في السنوات الصعبة، كانت الصحافة تسري في عروقه رغم ظلمها له.. طبعا كزوجة لم يكن يعجبني غيابه الكثير من أجل العمل وتفضيل الصحافة مجبرا على عائلته، لكن ما باليد حيلة.. كان من الواجب احترام اختياره والعمل على أن ينجح فيه حتى وان كان ذلك على حساب سعادتنا كزوجين...


كتابات شوقي كانت سياسية، من خلالها تطرق لمواضيع جد حساسة... هل كان لهذا ردة فعل من جانبك ؟ أقصد ... ألم تطلبي منه يوما عن الابتعاد عن مهنة الصحافة؟.

السيدة مدني: كنا نتناقش حول مواضيع كتاباته خاصة الحساسة منها، لكن بدون أن أتدخل في رأيه، وهو كان مميزا في طرح مواضيعه بدون تجريح لأحد.. نصحته بالابتعاد عن الكتابة عندما أصبح مريضا وابتعد عنه أصدقاؤه... ترجيته أن يرتاح ويبقى معنا لكنه لأخر لحظة كان يريد أن يبقى في الصحافة وان يكتب.. فهو كما قال كالسمكة التي تخرج من الماء إذا ترك الصحافة فسوف ينتهي.

تنقل الفقيد بين العديد من الصحف اليومية في الجزائر، هل لك أن تخبرينا عن الصحيفة التي تعلق بها وأحب شوقي العمل فيها أكثر؟ وما السبب؟.

السيدة مدني : رغم عمله في عدة جرائد إلا أن جريدة الخبر تبقى عروسه المفضلة فقد أحبها حبا جنونيا حتى كتب في جريدة المحقق أن "زوجتي تخيرني بينها وبين الخبر"... .تصور انه مرض عندما استقال مضطرا من هذه الجريدة وكان ينتظر يوميا أن يكلمه احدهم للرجوع عن قراره لكن لا حياة لمن تنادي... كان يموت ببطء رغم انه أنهى مشواره في جريدة رائدة هي وقت الجزائر....

- هل فكر شوقي في العمل يوما لصحيفة أجنبية؟

السيدة مدني : لم يفكر في العمل مع جريدة أجنبية رغم أن جرائد ومجلات عربية أغرته بالعمل معها..




أكيد بحكم معايشتك وقرب الكبير من أستاذنا، فأنت على إطلاع على الكثير من جوانب حياته... كيف كانت علاقات شوقي بزملائه وأصدقائه والشخصيات التي عرفها؟.... هل بقيت هاته العلاقات بعد رحيله... أقصد هل استمر الوفاء لشوقي من خلال التواصل والاهتمام بعائلته؟

السيدة مدني : علاقاته كانت كثيرة مع زملائه وأصدقائه... كانت له علاقات طيبة مع مسؤولين كبار ووزراء وكتاب ومثقفين وو.. الآن هو تحت التراب فمن يسال عنه... أو يسأل عن عائلته... هذه هي الحياة..


من خلال كتاباته الصحفية عن كل ما هو سياسة وأحزاب... هل كان لشوقي انتماء لحزب معين أو تطلع سياسي ما؟.

السيدة مدني : كتب عن أحزاب عديدة لكنه كان حيادي في ذلك كثيرا.. هو لا ينتمي لأي حزب، كان يكتب عن حزب الارندي لأنه كان حاضرا كما قال عندما ولد هذا الحزب وكان بصدد الكتابة عنه في نهاية مشواره الصحفي إلا أن القدر كان أسرع..

كيف كان يتعامل شوقي مع كل ما يُوجّه له من كلام أو انتقاد بعد كل موقف يتخذه من خلال كتاباته؟

السيدة مدني : عادي لأنه متأكد من مصداقيته ومن مصادره...


مكانة شوقي الإعلامية التي يحلم بها أي إعلامي، لم تجنبه لمعاناته مع مشكل السكن، معاناة كنت أشرت إليها في مقالك لإحدى الصحف في اليوم العالمي للصحافة وحرية التعبير... هل لك أن تشرحين لنا أكثر؟.


السيدة مدني : مشكل السكن هو "كوشمار" حياته لم يستطع أن يتحصل على سكن رغم انه صحفي وعائلته تبعد عنه بمائة وخمسين كلم، .ورغم معارفه وعلاقاته مع كبار المسئولين، فهو لم يكن ليستغل ذلك لمصالحه الشخصية، فضّل أن يكون له ملف للحصول على سكن ككل المواطنين خاصة في إطار مؤسسة عدل البيع عن طريق الإيجار والتي كانت موجهة خاصة للطبقة المتوسطة، لكنه بعد الموافقة الرسمية يجيبونه انه لن يستطيع الحصول على ذلك لان زوجته متحصله على سكن من غرفتين على بعد 150 كلم من مقر عمله وهو السكن الذي تحصلت عليه في إطار عملي بالمستشفى كسكن وظيفي، المهم هذه النقطة بالذات أثرت على حياتنا كثيرا وأثرت عليه خاصة وعلى صحته ومنذ ذلك الحين وهو في دوامة مع المرض..

هل كان لهاته المعاناة تأثير معنوي أو مهني؟.

السيدة مدني : طبعا تأثر صحيا كما قلت ومهنيا، حيث أصبح كثير التفكير والغياب عن عمله لظروف صحية. إن كل همه أن يجمعنا سكن واحد ويخرج من تلك الغرفة الموجودة في إقامة الصحفيين بسيدي فرج، والتي كان يسكنها الصحفيون لظروف أمنية آنذاك.
.لكن بقي الحال كما هو حتى وافته المنية. كان يعمل كل ما في وسعه ليعوضنا أنا وأطفاله عن غيابه من اجل العمل، كان يحب أولاده كثيرا ويعرف أيضا انه ترك لي مسؤولية تربيتهم مجبرا كان دائما يقول لي" اسمحي لي على بالي أعييتك".
لذلك لم يعش في استقرار أسري ولم يكن له وقت كثير لنفسه أو لأسرته لان الصحفيين يعملون حتى في أيام العطل.
إقامته في سيدي فرج أثرت على صحته كثيرا، كان مصابا بداء الربو لا يحتمل الرطوبة الموجودة هناك، فقد مات وفي يده" بخاخة فونتولين"، رحمك الله يا شوقي أكيد انك تألمت كثيرا في هذه اللحظات، ليتني كنت معك..

من الجانب المهني نريد أن نطلع ولو قليلا على الجانب الشخصي للمرحوم، كيف كان شوقي " الأب " و" الزوج"؟

السيدة مدني : ظروفنا كزوجين كانت صعبة منذ بداية حياتنا مع بعض، لكننا كنا دائما بالمرصاد لها واجهناها بكل قوة وبقينا مع بعض لأخر لحظة.
تعارفنا كان بالجامعة كنا طلبة هو بمعهد الأدب العربي وأنا بمعهد الصيدلة شاءت الظروف أن نلتقي في حفل لعيد مجلة الوحدة مجلة الشباب آنذاك كل الطلبة كانوا مدعوين، حياتنا كانت مليئة بالمفاجآت السارة أحيانا ومحزنة أحيانا أخرى، والتقينا بعدها مرة أثناء مشاهدة مسرحية ومرة في الجامعة.
كانت أياما جميلة وبسيطة، وهكذا عشنا مع بعض أكثر من 20 سنة، إلى أن زاره اجله في يوم 14 أكتوبر 2009 بتلك الغرفة المشؤومه والتي لم يزرها منذ سنتين، وكأن القدر أعطاه موعدا هناك..

هل نصح " شوقي " يوما نزيه أو ريم أن يكونوا مثله تماما في ميدان "الإعلام"؟ .

السيدة مدني : بالعكس كان يقول لنزيه "دير وش تحب إلا الصحافة" لأنها لم ترقى إلى المستوى المطلوب في بلدنا..


ما هي الكلمة أو المثل الذي كان يردده كثيرا شوقي... الأكلة والموسيقى المفضلة لديه.. الأغنية التي كان يهديها دائما لك؟

السيدة مدني : أقول لك سر... كان يردد دائما "وطني وطني ليس فيه سكني" التي حفظناها في الابتدائي، كان يحب أكلة الكسكسى جدا كل جمعة لازم "الطعام"، أغنية كان يحبها ويرددها أمامي للشاب حسني لكني لن أقول عنوانها... كان يحب أم كلثوم كثيرا خاصة أغنية الأطلال وهذه ليلتي...

في إحدى الحوارات التي أجريت معه، كان أجاب عن سؤال يتعلق "بعدد الوردات التي أهداها لك" فكان جوابه:"لا أتذكر ... أظن أنني قدمت لها وردة قبل الزواج واثنين أثناء الزواج..." هل لك أن تجيبينا عن نفس السؤال؟ ..

السيدة مدني : سؤالك عن الورود جميل جدا... في وقتنا كان كل شيء بسيطا وردة جميلة كانت لها معاني كثيرة.
أتذكر ذلك اليوم جيدا يوم 5 أكتوبر سنة 1988 يوم الاحتجاجات في ذلك اليوم كان شوقي بالخدمة العسكرية بالبليدة وكنت أنا بمنزل عائلتي وهذا اليوم يصادف عيد ميلادي رغم كل ما جرى في ذلك اليوم، إلا أن شوقي جاء إلى بيتنا حاملا وردة جميلة وطرطة عيد الميلاد، لم يمكث كثيرا لأنه كان لابد أن يلتحق بالثكنة بسرعة، ولم يكن هناك لا هاتف محمول ولا مسج.
بعد الزواج لم يبخل أبدا شوقي أن يهديني ورودا في كل مناسبة، لأنه كان يعرف أنني أحبها جدا،
أخر عيد ميلادي بعث لي بمسج انقله كما هو "أهديك كل ما املك قلبي وحياتي تمنياتي بالصحة والسعادة وربي يحفظك لينا".

كلمة أخيرة ؟

السيدة مدني : رحمك الله يا شوقي وأسكنك فسيح الجنان..



تعتبر صناعة النسيج من أقدم الحرف التقليدية بالجزائر، خاصة بالجنوب الجزائري الذي تألق في هذا المجال نظرا لخصوصية المنطقة الطبيعية وكذا توفر المادة الأولية المتمثلة في الصوف ووبر الأنعام، السيد حداد بوجمعة من رواد صناعة الحنبل بالجنوب الغربي الجزائري التقته ''المساء'' على هامش صالون الاتصال الوطني الذي احتضنته ولاية بشار، حيث تحدث إلينا عن سر هذه الصنعة وارتباطه الوجداني بها.

حول هذه الحرفة يقول محدثنا ''صناعة الحنبل والزرابي من الصناعات التقليدية التي ورثناها عن الأجداد، إنها إرث يجب المحافظة عليه، فأنا شخصيا أمضيت عدة سنوات بين المنسج وخيوط الصوف، وأجد سعادة كبيرة عندما أكمل عملية النسيج التي اعتبرها فنا قائما بذاته، كما أنني أهتم بهذه الحرفة وأمارسها رفقة زوجتي، ونحن بدورنا قمنا بتعليمها لأشخاص آخرين من خارج العائلة، كما تعكف الزوجة حاليا على تعليمها لزوجات أبنائنا حتى تبقى هذه الحرفة متوارثة عبر الأجيال''.

وحول أنواع الحنابل والزرابي التي يصنعها قال السيد بوجمعة ''هناك عدة أنواع من الزرابي، منها الزربية البربرية أو القبائلية، وهي من أجمل الأنواع وأكثرها طلبا في الجنوب الغربي الجزائري نظرا لخاصيتها الجمالية، وتتسم الزاربي التي تصنع هنا ببساطتها وجمال أشكالها الزخرفية، وهي غالبا ما تصنع بواسطة الغرز المنبسطة، وتزينها أشرطة ملونة عرضية وواضحة''.

ويضيف: الحنبل القبائلي يمتاز بألوانه الزاهية وهو الحنبل الذي اختص في صناعته، كونه زاهي الألوان، حيث نقوم بمزج الأحمر، والأخضر، والأصفر ، والبني والأسود في أشكال وخيوط متناهية الروعة، فيها الهندسية المستقيمة، وتتعاقب فيه السبائب الملفوفة والمنسوجة ذات العرض المختلف، الشيء الذي يجعله شبيها بالزرابي البربرية، حيث يمكن للعائلات ذات الدخل المتوسط أن تستفيد منه في الديكور داخل المنازل خاصة أن الحنبل يمكن أن يستعمل كفراش، وغطاء وزينة أيضا فوق الأفرشة في بيت الضيافة وللاستعمال اليومي أيضا''.

وعن المواد الأولية وطريقة تحضير الحنبل قال السيد بوجمعة ''نحن نشتري المادة الأولية المتمثلة في الصوف من تلمسان، أو نقوم بشرائها من عند الموالين، ثم نغسل الصوف ونجففه لنبدأ عملية ''التقرديش'' التي تعتبر أساسية في هذه الحرفة، حيث نقوم بطويه وتركيبه على ''المرمة'' أو ''المنسج'' ثم تبدأ عملية العقد، وهنا أود التذكير بأن الصوف سواء كانت خاما بلونها الأبيض الدافئ أو السكري الجذاب، أو مصبوغة بالألوان الطبيعية أو الكيماوية فإنها ستنصهر كي تعطينا زرابي وحنابل تجسد تحفا تعشقها العين''.

وعن آلية الصباغة قال محدثنا ''قديما كانت المواد الطبيعية النباتية مثل قشرة شجر التفاح أو الرمان أو الزعفران أو المواد المعدنية مثل سولفات الحديد تستعمل في صباغة الصوف، أما في الوقت الحاضر نادرا ما تستعمل هذه المواد الطبيعية خاصة أن تلك الأصباغ الطبيعية لا تغير خصائص الصوف الذي يحتفظ على ألوان زاهية لا تبهت ولا تتلف مع مر السنين''.
وحول الوقت المستهلك لتحضير صالون كامل بالحنبل وسعره أيضا قال محدثنا ''احتاج ليومين كاملين ليكون الصالون بستائره جاهزا، إلا أن الصالون التقليدي باهظ الثمن بسبب غلاء المواد الأولية، أما البسيط منه فلا يتجاوز سعره 13000دج''.

وحول طموحه وآماله قال ''لقد كان أجدادنا يعيشون ويعتمدون على ما تصنع أيديهم بداية من النعال حتى نوعية اللباس الذي ارتدوه، وأنا شخصيا أرى أن مستقبل الوطن الاقتصادي يكمن في المحافظة على الفلاحة والصناعات التقليدية، لذا أتمنى أن تنال هذه الحرفة حظها من الاهتمام من طرف المسؤولين خاصة أن الطلب عليها كبير من طرف السياح الأجانب، كما أتمنى أن ننال فرصة المشاركة في العديد من المعارض للتعريف أكثر بهذا الإرث''.

أحاورته/حلام محي الدين، منشور بجريدة المساء المساء : 27 - 06 - 2010

الأصل أن الشخص هو الذي يختار حرفة ما تعجبه فيتعلمها ويبدع فيها، إلا أن ما حدث مع الحرفي رشيد شافع وهو أقدم حرفي في صناعة الآلات الموسيقية، هو أن الحرفة هي التي اختارته، لأنه لم يكن يحبها ولكنه بعد أن احتك بها وتعلم تقنياتها وأسرارها أدرك أنها عندما اختارته كانت تعرف أنه سيبدع فيها، ويتحول من خلالها إلى مرجع لكل فنان يبحث عن اللحن الصحيح والأصيل الخالي من العيوب، "المساء" التقته وأجرت معه هذا الحوار.
- بداية سيد شافع قلت إن الهواية هي التي اختارتك كيف ذلك؟
* أذكر أن أخواي كانا يملكان ورشة لصناعة الآلات الموسيقية عام 1953، حينها كان عمري 14 سنة وكنت أدرس وألقي نظرة على ما يقومان بإنجازه، ولم يكن لدي أي ميول لتعلم صنع الآلة الموسيقية، وأذكر أنه بعد اندلاع الثورة توقفا عن صنع هذه الآلات وحولا حرفتهما لصنع الأثاث المنزلي، ولكن بعد الاستقلال عمت الفرحة شوارع العاصمة وكانت الحاجة ملحة لإنجاز آلات موسيقية للتعبير عن الفرحة، في تلك الأثناء وجدت نفسي أتعلم هذه الحرفة من غير رغبة، كونها حرفة صعبة وتتطلب ذكاء وصبرا كبيرين، كما تتطلب دقة لا متناهية، لذا أقول لم أختر هذه الحرفة وإنما هي من اختارتني، واليوم لدي خبرة 47 سنة، وتحول ذلك الكره إلى عشق وحب كبير لهذه الآلات التي أصنعها بكل ابداع.
- تتحدث عن الآلات الموسيقية، ماهي بالتحديد الآلات التي تصنعها؟
* أصنع بالتحديد الآلات الموسيقية الوترية، مثل الموندول والقيثارة المندول والبونجو والموندولين والعود، وآلة الموندولين بقبضتين، وأجمع بين آلة الموندول والقيثارة في آلة واحدة، ولكل آلة من هذه الآلات خصوصياتها وطريقة إعدادها التي تختلف عن الأخرى، كيف لا ولكل نوع ميزته سواء من حيث الشكل أو اللحن.
- ماهي المادة الأولية التي تعتمد عليها لصنع هذه الآلات؟
* كل الأنواع التي ذكرتها تصنع باليد، وتعد المادة الأساسية في حرفتنا هي الخشب، ولكن من النوع الممتاز، وينبغي أن أعلمكم بأن خشب تزيين الآلة يختلف عن الخشب الذي تصنع به، فمثلا للتزيين نعتمد على خشب الأكاجو أو خشب الأبانوس، أما خشب الآلة فيكون إما من شجر الصنوبر أو التوت أو الأرز، وعلى العموم نعتمد على هذه الأنواع من الخشب كونها تتميز بالليونة والقسوة، كما أن للخشب أهمية كبيرة في إعطاء جمالية وقوة لصوت الآلة، وطبعا كل هذا يتطلب أن يكون الحرفي ذكيا ودقيقا في الاختيار حتى يكون عمله متقنا وصحيحا.

- من هم الفنانون الذين يستخدمون آلاتك الوترية؟
* لشدة الإتقان والدقة التي تتميز بها آلاتي لم أكلف نفسي عناء البحث عن زبون، لأن الزبائن من الفنانين بمجرد أن يشاهدوا إحدى آلاتي عند فنان ما يسارعون للبحث عني حتى أعد لهم آلة تميزهم عن غيرهم، فمثلا الفنان تاكفاريناس جمعت له بين آلتين وتريتين بناء على طلبه، وقد ذهل كل من رآها، والفنان مراد جعفري رغب في أن تحمل آلته اسمه الخاص فنقشت له الأحرف الأولى اسمه، أما ?روابي فجمعت له بين القيثارة والمندول، وغيرهم كثيرون مثل عمر الزاهي والفنان القدير شاعوا ومعطوب الوناس رحمه الله وغيرهم كثيرون.
- ما رأيك في الآلات الوترية التي تباع اليوم؟
* يكفي أن أقول إنها مليئة بالعيوب، فبنظرة واحدة لآلة يمكنني استخراج تلك العيوب التي لا يمكن لغير الحرفي أو الفنان معرفتها، فلا شيء يضاهي حرفة اليد، وأروي لكم قصة وقعت لي، حيث رغبت في الاطلاع على ما يبدعه السوريون في مجال الآلة الوترية، فاقتنيت آلة وفككتها حتى أطلع عليها، فوجدتها عبارة عن مجموعة من الأخطاء، وأذكر أيضا أنه في فرنسا أخذ بعض الحرفيين آلتي الوترية وفككوها للبحث عن السر وراء إتقانها وجمال ألحانها، وبعد أن أعادوا تركيبها لم يحصلوا على نفس اللحن، وبالتالي صعب عليهم تقليدها، لذا أبلغكم ومن دون غرور أني أملك زبائن من خارج الوطن، من كندا انجلترا وفرنسا، والسر هو الجودة والإتقان النابع من حب الحرفة.
- كيف تعرف عيوب الآلة الوترية؟
* ببساطة أستخرج عيوبها بالنظر إليها، فمن خلال مظهرها الخارجي يتكون لدي الانطباع الأول حولها، بعدها أتيقن من نظرتي من خلال مخارج النوتات الموسيقة، فهي الحكم الفاصل، فالحرفي في الآلة الموسيقية ينبغي أن يكون فنانا أيضا.
- هل هناك إقبال على تعلم هذه الحرفة من الشباب؟
* شباب اليوم لا يملكون الصبر المطلوب، كما أن الآلة قد تعدها وعند تجربتها لا تحصل على اللحن المطلوب، فهذا يعني أنه ينبغي إعادة صنعها، لذا أقول إنها حرفة صعبة ودقيقة وتتطلب صبرا وذكاء كبيرين، وربما هو السبب الذي جعل الإقبال على تعلمها شحيحا، وعني شخصيا أجتهد لتعليمها لابني على الأقل لحمايتها من الاندثار.
- ما الذي أضافته هذه الحرفة لعمي رشيد؟
* جعلتني محبوبا بين الناس ومشهورا بين الفنانين، كيف لا والعمل المتقن هو الذي يتحدث عن صاحبه، ويكفيني أني أحظى باحترام وثقة زبائني.

حاوره رشيدة بلال/ نقلا عن جريدة المساء: 10 - 11 - 2009

رسام ونحات عالمي، تبدع أنامله في اللعب بالريشة، وساعداه القويان في صنع الحرف والمنحوتات، هو فنان وإنسان قبل كل شيء، بعدما عاش من حياته ما أثر فيه وفي فنه، جعل من النحت وسيلة للتعبير الفني والفكري والفلسفي، وأصبحت منحوتاته المعروضة هنا وهناك تشكل سرورا للعين الناظرة إليها.

ولد الفنان بوكرش محمد ببورويس السرس، بولاية الكاف بالجمهورية التونسية سنة 1951، وسجل بالجلفة سنة 1954 أيام اندلاع الثورة الجزائرية، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا ولد بتونس وهو جزائري الأصل من الأم والأب؟ عن هذه القصة يحدثنا الفنان بوكرش قائلا: “جدي سليمان الحيلة أو الحرفة كما يلقبونه أبناء عرشه “أولاد سيدي بن علية”، كان حرفيا مختصا في صناعة الأسلحة النارية أي نحات، ومنجزاته منحوتات وظيفية، كانت البداية بالأواني الخشبية إلى تصميم البندقيات، قضى معظم أوقاته يرافق الأمير عبد القادر في الحل والترحال مع العاصمة المتنقلة “الزمالة”، ويوم نفي الأمير عبد القادر، وُجد في قائمة المقربين منه وعليه أصبح مرشحا للقتل، وقد علم بذلك من أحد أعيان المنطقة، ومن عائلة لحرش، فكان هذا سبب سفره إلى تونس.

وبينما كان الفنان يزاول دراسته الابتدائية بالسرس ورأس الطابية بالعاصمة التونسية قرب باردو، أين توجد مقرات جبهة التحرير الوطنية ومقر الكشافة الجزائرية التي انضم إلى أشبالها، فتهيّأ ليكون وقود الثورة الجزائرية، وذلك سنة 1960 إلى 1962، اكتشفه معلمه بالمدرسة التونسية الابتدائية رأس الطابية، بعدما رآه من رسوم في كراس المحفوظات، الذي رسم فيه موضوعا لكل قصيدة بما يتماشى والتعبير فيها، فكلفه منذ ذلك اليوم برسم صورة مكبرة على السبورة، تصور نص القراءة المبرمج كل صباح، وأصبح للطفل بوكرش مهام كبيرة على عاتقه وإحساس بالمسؤولية، فأصبح ينهض باكرا للوصول إلى المدرسة قبل دخول زملائه بساعة ليرسم الموضوع ويلونه.

كان هذا التشجيع والتقدير من معلم الابتدائية داعما وحافزا نمى الموهبة التي فجرتها فيما بعد الصور الموجودة على أغلفة المجلات وداخلها لأبطال الجزائر وعلمائها، كالأمير عبد القادر على حصانه، والإمام بن باديس وممثلي الجزائر بالحكومة المؤقتة، ومن بين الوجوه التي كان يرسمها دائما الأمير عبد القادر، ابن باديس، الشيخ العربي التبسي، الشيخ بشير الإبراهيمي وخاصة الرئيس السابق بن بلة، حيث كان الفنان الصغير ولوعا بهم وبأخبار الثورة وبالجزائر المستقلة.

وبعد الاستقلال مباشرة دخلت العائلة إلى ولاية برج بوعريرج، ونزلت بعين تاغروت، أين التحق محمد بوكرش بالمدرسة الابتدائية الجزائرية، وفي هذه المرة أيضا اكتشفه أستاذ اللغة العربية، الأستاذ المرحوم لطرش العيد، المكلف بالجزائريين بفرنسا أيام ثورة التحرير وهو أحد خريجي جامع الزيتونة، ومكلف من طرف جمعية العلماء المسلمين للقيام بالتحسيس والالتفاف حول الثورة المجيدة ثورة أول نوفمبر، التحق بالجزائر أيضا لتجمعه الأقدار بالفنان الصغير بمدرسة عين تاغروت ويكتشفه كرسام ونحات، وفي الدراسة الثانوية التقى بالمخرج الفرنسي شار بونال كأستاذ رسم بثانوية محمد قرواني، تعلم معه فنون الديكور والماكياج وكل ما هو سينوغرافي، زيادة على دراسة المنظور والرسم به، وكان أول من طلب منه الالتحاق بمدرسة الفنون الجميلة فلبى طلبه دون أن يفهم ذلك، لأنها كانت لا تعنيه بقدر شهادة البكالوريا، ولما شاءت الأقدار أن يتوفى أبوه، توقف عن الدراسة والتحق بمهنة التعليم لمدة سنتين، ثم التحق بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة ليتخرج منها سنة 1979، بالشهادة الوطنية للفنون الجميلة اختصاص نحت بدرجة امتياز، ويتحصل على الجائزة الوطنية الأولى في النحت في نفس السنة بمسابقة أجرتها وزارة المجاهدين، وبعد عام من حصوله على الشهادة أصبح محمد بوكرش أستاذا لمادة النحت بنفس المدرسة 1980/1982.

وهو اليوم فنان يجمع بين النحت والرسم والكتابة والتأليف والتدريس، يشغل منصب أستاذ كاتب ومحاضر، ينشر بمجلات عديدة كالفوانيس، المثقف، تحياتي، أصوات الشمال ومجلة تمارين، ينتج برامج فنية عامة وينشط بالإذاعة الثقافية الجزائرية منذ سنة 2000، وينتج وينشط بالفضائية الثالثة الجزائرية ركن لوحة وفنان حصة “خليكم معنا”، ويبقى التعليم من أحب الأعمال لديه، فهو أستاذ في مادة التربية التشكيلية بالمدينة التي يقطن بها حاليا، مدينة خميستي بولاية تيبازة منذ سنة 1984 إلى يومنا هذا، حاز العديد من الجوائز والميداليات في المهرجانات الوطنية والعالمية، شارك و لا يزال يشارك في معظم التظاهرات الثقافية الفكرية منذ 1982 إلى يومنا هذا، وله من المؤلفات مخطوط موسوم بسعادة الصفر وهو دراسة كيفيات اختراع الأرقام المغاربية العربية الغبارية ورسمها الصحيح، ومخطوط آخر عبارة عن مقالات نشرت بمجلات المواقع السياسية والثقافية على الشبكة العنكبوتية من مقالات ونقد ونقد النقد والتعريف ببعض الشخصيات الفنية التشكيلية، كما له رصيد هائل من حوارات ولقاءات أجراها مع شعراء وكتاب وفنانين تشكيليين، وفنانين موسيقيين لفائدة الإذاعة الثقافية.

تبقى أعمال الفنان النحتية والرسومات شاهدة من شواهد الحاضر الجزائري للمستقبل، في شوارعها وفي حدائقها وساحاتها العمومية وفي التماثيل والمنحوتات المجسدة لتاريخ هذه الأمة وأعمال فنية كثيرة تزين المتاحف الوطنية، لتساهم في الجمال العمراني الذي لا يكون إلا بجمال مثل هذه الصور التي يجسدها الفنان محمد بوكرش
نقلا عن موقع دار الزاوية

حاوره/ محمد ياسين رحمة

للإبداع مرتزقته أيضا، أولئك الذين يمارسون أقبح أشكال الإرهاب في حق الفكر والخيال، مرتزقة مُزمنون صاروا أعلام صنعتهم الرّدة والخيانة لتنفيذ مُخططات "الديمقراطية" التي تحكم فيها الأقلية المُرتبطة بأجندات استعمارية العموم الساحقة من الجماهير.. هي بعض مما أفضى به إلينا في هذا الحوار، الفنان الجزائري " محمد بوكرش" الذي حملته أفكاره الإنسانية مُجسّدة في لوحات أو منحوتات إلى العالمية، وقادته نضالاته بالقلم إلى "الفتوحات المُشاكسة" حيث للفنان أدوار مُقدّسة هي أسمى من أن تكون أدوار ماسح الأحذية.

-ما معنى أن تكون كاتبا أو شاعرا أو فنانا تشكيليا في الجزائر؟

بين الأمس واليوم فرق كبير جدا إذا ما نظرنا إلى التركيبة التربوية والامتداد الحضاري.. كنا الفاتحين، كنا من فتح الأندلس ومهّدنا الرقعة التي رُسم عليها الجمال الإنساني، هذا الذي شهد به لنا العدو قبل الصديق. كنا انطلقنا من مقاعد الدراسة البارحة فقط للالتحاق بثورة التحرير الكبرى 1954/1962 ، انطلقنا بأقلام يشهد بها أيضا أدب وأدباء وفنانون ما قبل الاستقلال.. إذ قيل:( يا محمد مبروك عليك الجزائر رجعت ليك)، وبالتالي تجد أن التركيز كان يعني المحمدية أي الإسلام..
أطرح السؤال الآن ماذا قال "أمين الزاوي" و"وسيني الأعرج"...؟، قبل أن تسمع الإجابة يندى جبينك.. وبالأحرى الكاتب اليوم أو الفنان هو أن تكون ماسح أحذية و.. في جلد واحد منهما ..أعزكم الله.


-هل ترى أن السلطة جنت على المثقف أم أن المثقف هو الجاني في حق نفسه؟

السلطة في نظرنا لا تكون إلا بأغلبية يقرأ الواحد فيها الآخر، ويقرأ البعض منها البعض الآخر وبتفاضل ما يتم ذلك..
وعليه إذا حققنا نجاحا بالأندلس يكون قد كان بأغلبية وقلب واحد نبضه على إيقاع جمع كل جميل وحقق نسبة ..
من الجمال حول نواة ما يسمى بالجمال، لون ورائحة تستدرجك للتمتع باللب فيما إذا كان المثل برتقالة.. خسرناها الأندلس وطُردنا شر طرد يوم خان الشكل المضمون..
من 1962 إلى اليوم خسرنا جزائر 1954 / 1962 الأخوة المحبة التآزر والبيت الواحد الذي جمعنا تحت سقف الاستقلال1962، خسرنا الخط والقلم السقف الذي كانت أعمدته الوطن، الله أكبر والشهادة...
أعمدة سقفنا اليوم انهارت بانهيار خيوط التسليح والتخطيط الذي نجح فيه الاستدمار والمستدمر بنوعية من الفنانين والكتاب وحققوا ما لم ينجحوا فيه مدة القرن والنصف ونحن تحت إرهاب هذه "النوعية المُرتزقة" وجبروتها المباشر..
نعم كان لنا كتاب وفنانون رغم قلة وسائل الاتصال والتواصل ولنا القوة من الضعف. .ما لم يكن اليوم والضعف كله من زيغ وزيف الأقلام رغم توفّّر وسائل الاتصال، وبالتالي كلمة مثقف كبيرة ومتبرئة منهم كتاب لعقوا صحون الغير ومسحوا أحذية العار والدمار الإنساني.. استحي محل اللاهثين ليلتقطوا صورا مع واحد منهم، أعلام صنعتهم الردة والخيانة.. لأقول: المثقف والثقافة أصبحت عملة نادرة نسمعها ولا نلمسها إلا ما رحم ربكم.


-كتّاب كسروا أقلامهم وشعراء اعتزلوا الشعر في الجزائر.. وهناك وزارة ثقافة واتحاد كتاب ومهرجانات للشعر والأدب، كيف تفسّر الأمر؟

خيانة أخرى تضاف لموسوعة الخيانات، إذ قيل : علّم بالقلمّ علم الإنسان ما لم يعلم، وكلمة علم للتمييز والتلقين ورسم الأمور... أنت مميز به وبخطك وباللسان، على ذلك أنت شاعر بكسر القلم كسرت قريبك من خلال كسر نفسك والاعتزال من أخيك هو اعتزالك الشعر واعتزال الأرحام...وهي أثمن خدمة نقدمها لأعداء الأمة ونزيد بها لأنفسنا غمة...


كيف تقرأ واقع جغرافية التشكيل في الجزائر؟

جميل سؤالك هذا والإشارة إلى جغرافية التشكيل التي في نظرنا لا تكون إلا بتربية تشكيلية حقيقية تبني الإنسان وتكوّنه..
أقول : أن التربية التشكيلية مشروع مستقبل كل أمة تريد لنفسها موقع المنافس وليس موقع الرهينة... هي تحصيل دراستنا من الابتدائي إلى التخرّج.. على ضوء احتياجاتنا التي لا تترك واحدا منا بلا عمل ومستقبل بمجرد تخرجه..
والفن التشكيلي ما هو إلا ذاك التعبير الفني المجازي لتأليفة الألوان الرمزية والإشارة بها للمادة الحقيقية الحية التي ينبغي الاستثمار فيها، ولا نقصد بهذا غير الإنسان والإنسانية فيه حتى تكون الأبعاد الإنسانية هي موضع الاهتمام ولا تُترك في مهب الرياح والتيارات الخبيثة..
الكل يعرف أن قوة اليد والقبضة لا تكون إلا بكامل الأصابع عل اختلاف مواقعها وقدراتها ليكون للشد والمد معنى.. متى كانت لنا أصابع؟ وإذا كانت قد بُترت أجزاء منها، كيف لي أن أرسم لك جغرافيا؟ فما بالك بقراءتها...اسأل وقل: كيف تبتلعها...؟ لأجيب: من الصعب جدا والواقع أبلغ تعبير... وعليه أقول أن ما تبقى من اللوحة والفنان في واد والواقع بمستنقع...

"- الثورات العربية" كشفت عن أقبح أوجه الفساد والنفاق سياسيا واقتصاديا.. برأيك هل أوجه المبدعين اقل قبحا ونفاقا؟

أحيلك على موضوعي الأخير، ( أمين الزاوي ... العلمانية ( ...) أم العلمـ ( .. ) نية) / تكعيبية يكتبها بوكرش محمد، ومما جاء " هم سبب الرداءة ومشجع الرذيلة أبواق، مزامير وطبول الأنظمة التي تتساقط رؤوسها اليوم بالتتالي...متى تسقط الرؤوس الحقيقية بيوت الداء وقلة الحياء..؟
فرائسهم اليوم ترتعد أكثر من غيرهم أكثر من فرائس صهاينة اليهود أكثر من الصهيونية الاسرائيليبة والأمريكية الأروبية معا..ينادون بديمقراطيعة عجيبة تقصي الأغلبية الساحقة من الشعوب العربية"

-ألا تعتقد أن زمرة المبدعين هم ضمير الشعوب، غابوا عن موجات التغيير بأدواتهم.. تراهم كانوا وهميين أو أنانيين أو هم انهزاميون؟

بالطبع هم ضمير الأمم وتأكد ذلك في ما أعرفه عن الكاتب والفنان العربي وأخص بالذكر تونس ومصر حركتهم الثورية ثمرة تخمّر الكثير من رواسب ما أفرزته أقلام إنسانية وحكم جادة على اختلاف الأجناس والأعراق، زيادة على ما جاء به الدستور الإسلامي.. والأدل على ذلك، الأديب إبراهيم صنع الله يوم صفع كتاب مصر وساستها برفضه جائزة الرئاسة أمام الملأ.. يوم كان المعظم سُجّدا ركّعا أمام فرعونها المنهار.. أين اليوم فرعون وأين الأديب إبراهيم صنع الله؟
تصور لو كان منه على عدد البلدان العربية أربعة فقط في كل دولة هل يستمر الفساد؟ بالطبع يكون محدود جدا...
من المؤكد أن من يصنع الأنظمة الفاسدة إعلام فاسد وأقلام أفسد.. وعددهم في الجزائر لا يقل عن الأعداد التي تسببت في انهيار هذه الأنظمة المذكورة والدور على الجزائر لا مفر منه... هم نيام على بركان لا قدر الله إذا لم يكن له متنفسا عاجلا، فانفجاره سيأتي عل كل ما هو يابس ويتضرر منه الأخضر كذلك...


-جمعت بين الإبداع بالقلم والريشة والأزميل.. أيّهم اقرب إليك؟

في الوقت الحاضر أختار أسرعهم نتيجة وإثارة وأقربهم للمستهلك ولا أعاكس من قال: بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم...


ما علاقتك بجمهورك خاصة انك حاضر عربيا وعالميا، لكن النخبة الجزائرية هي التي تعرف محمد بوكرش؟

عرفني المثقف الجزائري وليست النخبة (... ) والبرانيس.. والكتب المزوقة والأعمال الفنية التي كرمت بها لدليل على ذلك، مثل ما عرفني المثقف في العالم العربي وصلتني كتبهم مشكورين إلى بيتي موقعة هي الأخرى وكرمت ببلدانهم غيابيا، وآخر ما وصلني من بغداد مشكورة على ذلك شهادة ( درع بغداد النموذجي للابداع... 2/8/2011).


-ما الذي كنت تطمح إليه ولم تستطع تحقيقه ولماذا؟

كنت أطمح وأتمنى لبلدي أنظمة تعمل عل تحالف اختلاف الشعب وليس على تحالف عصابات ضدهم وضد رئيسهم.. هذا الذي صاح وأعلن الضرر بعظم لسانه: أرفع رأسك يا با...راني – إنني- فوق كرسي جمر..

-هل تحلم أو هل تمارس الحلم؟ وهل هناك كابوس يسكنك؟

أبدأ من الأخير وهو الكابوس الذي أصبح يكفر بسهل ممتنع أحلامي..


-من أين انطلق محمد بوكرش ليكون الفنان العالمي والكاتب والصحفي؟

انطلقت من رائحة عرق أجدادي رائحة عرقي وعرقي..


- لو حضر الصلصال فأي مبدع تصنع له تمثالا ولماذا؟
-
من مصر السيد قطب ومن الجزائر مالك بن نبي لأجمع بين الدين والدنيا..


- كتبت طويلا وكثيرا ولكننا لم نقرأ لك "شيئا" بين دفتين، لماذا؟
-
بدأت الكتابة متأخرا وتزامنت مع تكنولوجيا النشر والتواصل السريع وبالتالي كل ما هو بين الدفات يصل متأخرا، وبالطبع نتائجه تتأخر أكثر.. والبقاء بطبيعة الأشياء للأصلح، إذا كان في كتاباتي ما يستحق الخلود والبقاء سيضمن ذلك بنفسه بالرقمية أو بآليات أخرى.


-لو كنت وزيرا للثقافة، ما هو برنامجك جزائريا وعربيا وعالميا؟

ما دامت "إسرائيل" دولة واعترف بها الجميع أشك أن أكون أنا، أشك أن أكون في بيتي فما بالك بوزير..


ما هي رسالتك إلى العرب؟

فلسطين تكون إن شاء الله بزوال الأسر الحاكمة والحدود الوهمية و إمارات الأكاذيب العربية... بهذا نرسم حدودا لطموحات الصهيونية الأمريكية وانقراضها نهائيا بعالمنا الإسلامي والعربي. دون ذلك مازال الانحدار متواصل...